Sunday, August 17, 2008

اسف على الإزعاج - مد الخط حتى نهايته


الإنتقاء -أظن- هو جوهر الفن ، أن تختار من بين أشكال تعبير مختلفه ، أو بين أفكار مختلفه ، بين رؤى مختلفه للعالم
هذا ما أدركه أحمد حلمي في (آسف على الإزعاج) ، و من قبله (كده رضا)
قبل (كده رضا) كان أحمد حلمي هو مجرد ممثل كوميدي عادي ، موهوب صحيح لكنه لم يكن مختلفاً ، كان بالفعل قد شارك في عدة أفلام بعيداً عن الكوميديا مثل (سهر الليالي) و (عمر 2000) لكنها لم تكن تجربته بالأساس ، كان تجارب أخري لمخرجين و مؤلفين مثل هاني خليفه و أحمد عاطف و تامر حبيب و لم تكن تخصه كبني أدم ، و ربما كان نجاح أحدها المبهر -(سهر الليالي)- دليل جديد على قدرة الأفلام الجيده على النجاح التجاري بعيداً عن شلة هنيدي و سعد و رفاقهم ، النجاح التجاري موازياً للنجاح الفني
تجربة (كده رضا) كانت تجربه مثمره بالنسبه لأحمد حلمي ، نجاح تجاري كبير و تناول نقدي جيد لشكل طازج من أشكال التهريج الكوميدي الممتع ، و فوقهم جائزة أحسن ممثل من أوسكار السينما المصريه ، مما وضع جمهوره في حالة ترقب للفيلم القادم بعد (كده رضا)
(كده رضا) كان نقطة نجاح يصعب تجاوزها ، لكن يمكن التخلي عنها للبحث عن نقاط نجاح أخري ، و هذا ما فعله حلمي
سيناريو متماسك لدرجه كبيره كتبه أيمن بهجت قمر ، رسم (قمر) شكل علاقه جميل بين الأب (محمودحميده) و الإبن (أحمد حلمي) نجح في إعطاء مفاجأة نهاية الفيلم تاثيرها المطلوب ، و برغم أن بناء الفيلم حتى نهاية ثلثه الثاني كان لا يبشر بأكثر من مجموعة إيفيهات متواليه لم تضحك أحد ، إلا أننا نكتشف في الثلث الأخير أنها كانت تمهيداً مهماً للنهايه
علاقة حسن/ حلمي بأبيه ، و علاقته بأمه (دلال عبد العزيز) ، و علاقته بفتاته فريده (منه شلبي) كانت كلها أضواء كاشفه انتظر السيناريست حتى قرب نهاية الساعتين ليطلقها
الفيلم يكشف عن قدره كبيره على الأداء التمثيلي من حلمي ، يثبت لي ما كنت أشعر به من إعجاب متنامي بقدرة هذا الممثل على نحت شخصيته الفنية بنفسه و عبر مجاهده طويله ، بإستلهامه لسماته الخاصه و إدراك أبعادها و توظيفها في أداءه التمثيلي ، ليجعل من نفسه شخصيه فنيه مميزه و رابحه تعيد للأذهان تجربة (وودي آلان) الكبيره
أما (خالد مرعي) المخرج - في ثاني أفلامه بعد (تيمور و شفيقه) فيقدم أداءاً إخراجياً مميزاً ، يستفيد فيه من تجربته السابقه كمونتير في خلق إيقاع سينمائي و بصري ملفت و ممتع و موحي درامياً ، كما يُظهر سيطره كامله على ممثليه و يستخرج منهم أفضل حالاتهم الفنيه ، ظهر هذا تحديداً في مشاهد و جمل حواريه لأحمد حلمي كان من الممكن أن تؤدى بصوره كوميديه فتفقد تأثيرها المطلوب
الفيلم يتجاوز مقدرة نجمه على الإضحاك و الحاله الخاصه لشخصية (حسن) ليقدم توليفات إنسانيه تشتبك بشكل مباشر مع النسبه الأعم من الجمهور ـجمهور الشباب تحديداً- ، كما يسعى لخلق مجازه الخاص بعلاقة حسن برئيس جمهوريه يكتب له خطابات شكوى نكتشف في النهايه أنها لا تصل ، لندرك قيمتنا الحقيقيه في عالم الواقع الفعلي ، و سعينا لصنع قيمه أخرى أكثر جمالاً لأنفسنا في عالم الممكنات

,,,

No comments: