Tuesday, February 12, 2008

يوتوبيا أحمد خالد توفيق


في يوتوبيا يتوارى الموت خلف الأسلاك الشائكه ، فلا يصير إلا لعبه يحلم بها المراهقون

في روايته الجديده (يوتوبيا) يطرح أحمد خالد توفيق عالماً سوداوياً يدعي أنه عالماً متخيلاً ، غير أنه يمكننا أن نكتشف بسهوله أنه ليس كذلك ، عبر صوتين أساسيين يرمز لهما بالصفات لا الأسماء ، (الصياد) و (الفريسه) ، مقسماً روايته إلى 5 أقسام ، يهيمن صوت الصياد -القادم من يوتوبيا ليخوض تجربة صيد البشر في أرض الأغيار- على 3 أقسام ، بينما يهيمن صوت الفريسه على القسمين الباقيين ، و يقومان بالحكي في تبادلية أداء مثيره و ساحره

من السطر الأول يعرف أحمد خالد توفيق كيف يسيطر على عقل قارئه و يجذبه لمتابعة القراءه حتى السطر الأخير ، ففي أيقاع لاهث و سريع تتميز به كتابات البوب آرت عموماً ، و يصنعه أحمد خالد توفيق ببراعه خاصه ، يسرد لنا تفاصيل المغامرة التي يقوم الشاب اليوتوبي العابث و رفيقته لأصطياد أحد الأغيار و العودة به للتسليه به و قتله في طقس أحتفالي يتم فيه تدشين الرجال في يوتوبيا ، لينسج عالمين مختلفين تماماً و متضادين في كل شئ

مستعمرة يوتوبيا التي بناها الأغنياء و الحكام -أو الأغنياء الحكام- في الساحل الشمالي -هل يمكننا تسميتها بأسم مختلف يبدأ بالميم و ينتهي بالألف- ليعزلوا فيها أنفسهم بعيداً عن الأغيار -الفقراء الهمج- الذين يحيون خارجها ، و عالم أرض الأغيار الغارقه في الفقر و الجهل و المرض ، بسكانه الذين فقدوا آدميتهم من زمن طويل بسبب الجوع ، فأكلوا الكلاب و باعوا نسائهم و استحلوا لحم الميته

يتم كشف اليوتوبي الصياد و فتاته ، فيقوم جابر -مثقف مأزوم من قوم الأغيار- بإنقاذهم من الأيدي الجائعه لقومه ، و يصمم على إخراجهم من الحفره المظلمه التي أوقعوا أنفسهم فيها ، و نكتشف ملامح العالم السفلي للأغيار مع معيشة اليوتوبي و فتاته ، الذين يرضخون لـجابر رغم إحتقارهم له و لقومه بسبب خوفهم من الموت على يد هؤلاء الجوعى ، حتى تنتهي الروايه بنجاتهم من الموت ، و مقتل جابر على يد اليوتوبي الثري ، ثم اشتعال الثوره في صفوف الأغيار
...

تكمن أهمية مشروع أحمد خالد توفيق الأدبي في أنه خطوة تطور طبيعيه في كتابات البوب آرت باتجاه الأعتراف بها كنوع أدبي خاص له قيمته و احترامه ، أذكر أنني قلت مره لصديق أن قراءة المثقفين لهذا النوع من الأدب الشعبي أشبه بممارسة العاده السرية ، الكل يمارسها لكن من يعترفون بهذا قله ، قله من النخبه المثقفه تعترف بهذا النوع الأدبي الشائع و الجميل في الواقع ، ربما منهم الروائي صنع الله ابراهيم كمثال ، لكنهم قله تكاد تكون معدومه

يحافظ هنا أحمد خالد توفيق على الكتابه المتدفقه و الإيقاع اللاهث و اللغه السهله -أو التي تبدو كذلك- كسمات أساسيه في الأدب الشعبي ، ليستصلح بها أرضاً جديده لم تكن مطروقه كثيراً في كتابات هذا النوع الأدبي ، ليقترب كثيراً جداً من أدب النخبه

أحمد خالد توفيق -بهذا- إذن هو كاتب مهم ، يطرح مشروعاً أدبياً هام و متفرد ، أرجو أن ينتبه له النقاد و المثقفين ، فأدب البوب آرت يعاني من التجاهل النقدي المتعمد رغم قيمته الكبيره و تلبيته لحاجة شريحه كبيره من القراء
ــــــــــ
الروايه صادره عن دار ميريت - تصميم الغلاف لـ أحمد اللباد
,,,

4 comments:

> said...

طبعا كلام مهم جدًا واحمد خالد اديب مهم وعجبني تشبية البوب ىرت بالعاة السرية

باسم said...

لكن يا عزيزي أحمد هذا ليس كلام مهم على الإطلاق ، أنت يمكنك أن تكتب ما هو أهم منه مائة مرة ، أليس كذلك يا صديقي ؟

> said...

ههههههههههه تعرف انني عبقري يا صديقي
عبقري حقيقي
لكن احمد خالد توفيق اكثر عبقريه للاسف

نادي حواء said...

شكرا علي المجهود